hhhh

4587

3-بين السنة والقرآن


وإذا كان كل من القرآن والسنة مصدرا ربانيا للهداية والتشريع، فما لا ريب فيه أنهما ليسا بمنزلة واحدة، وأن بينهما فروقا أساسية:
(أ) فالقرآن كله قطعي الثبوت، لأنه منقول بالتواتر اليقيني، جيلا عن جيل، أما السنة فأقلها ما ثبت بالتواتر، وأكثرها إنما ثبت بطريق الآحاد.

2-السنة النبوية


ومع ذلك ابتليت أمتنا ـ قديما وحديثا ـ بفئة قليلة العدة، ضعيفة العدة، قصيرة العرفان، طويلة اللسان، زعموا أننا في غير حاجة إلى السنة، وأن القرآن يغنينا عنها، وأنه وحده مصدر الدين كله، عقائده وشرائعه، ومفاهيمه وقيمه، وأخلاقه وآدابه.

1-القرآن الكريم


الإسلام هو دين الله الذي أنزل به آخر كتبه، وبعث به آخر رسله، ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.
وأحكام الإسلام هي مجموعة التكاليف والتعاليم التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغها لأمته مما أخبر الله به ـ في كتابه أو على لسان رسوله ـ من حقائق الوجود وعوالم الغيب من كل ما يتصل بالألوهية أو النبوة أو الآخرة.. ومما أمر به سبحانه، أو نهى عنه، أو أباحه لعباده، في شئون الدين والحياة.

6-الدعوة إلى خير الإنسانية


لا يفهم من دعوة الإسلام إلى إقامة (أمة متميزة) بأهدافها وقيمها ومناهجها، ذات رسالة متميزة، بمقوماتها ومثلها وخصائصها: أن الإسلام دين منغلق على نفسه، وأن أمته تعيش لنفسها، متقوقعة على ذاتها، لا تهتم بغيرها من الناس، صلحوا أو فسدوا، اهتدوا أو ضلوا، ارتقوا أو هبطوا.

5-بناء الدولة الصالحة


وكما حرص الإسلام على إنشاء الأمة الصالحة المصلحة، ذات الرسالة الربانية الإنسانية الأخلاقية العالمية، هدف كذلك إلى أن تحكم هذه الأمة دولة صالحة، تحقق أهدافها، وتنمي خصائصها، وتحافظ على رسالتها، وتعمل على غرسها في الداخل، ونشرها في الخارج.

4- بناء الأمة الصالحة


من أهداف الإسلام الأساسية: تكوين (أمة) متميزة، تطبق رسالته، وتؤسس حياتها على عقيدته وشريعته ومثله، وتربي أجيالها على هداه، وتحمل رسالته إلى العالم كله، فتحمل معها الرحمة والنور والخير للبشرية كلها، كما قال تعالى لرسوله: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، ولم يكن تكوين هذه الأمة بالأمر السهل في ظروف نشأة الإسلام المعروفة، فقد ولد الإسلام في جزيرة العرب، وهي قائمة على القبلية والعصبية لها. فالقبيلة هي أساس الولاء، ومصدر الاعتزاز والانتماء، فلا مكان لابن القبيلة إلا بها، بل لا وجود له إلا بها، فهي النسب والحسب، وهي السلطة والقوة، وهي الاقتصاد والسياسة، يرضى برضاها، ويغضب بغضبها، أو بغضب شيخها، ويتعصب لابن القبيلة محقا كان أو مبطلا، شعار كل واحد فيها: "انصر أخاك ـ أي ابن القبلية ـ ظالما أو مظلوما" بالمعنى الظاهري للعبارة، ولقد وصف أحدهم زعيم قبيلة كبيرة بقوله: إنه رجل إذا غضب غضب له مائة ألف سيف لا يسألونه: فيم غضب؟!

3-بناء المجتمع الصالح


ويهدف الإسلام إلى تكوين المجتمع الصالح، كما هدف إلى الفرد الصالح، والأسرة الصالحة، وهما ـ لا شك ـ أساس متين لصلاح المجتمع المنشود.
والمجتمع الصالح هو الذي يرتبط أفراده وأسره بقيم الإسلام العليا، ومبادئه المثلى، ويجعلها رسالة حياته، ومحور وجوده.

2-بناء الأسرة الصالحة


كما هدف الإسلام إلى تكوين الفرد أو الإنسان الصالح، بوصفه اللبنة الأساسية في البنيان الاجتماعي للأمة، هدف كذلك إلى بناء الأسرة الصالحة، التي هي الخلية الأولى والضرورية لقيام المجتمع الصالح.

1-بناء الإنسان الصالح


أول ما يهدف إليه الإسلام هو بناء "الإنسان الصالح" الجدير بأن يكون خليفة الله في الأرض، والذي كرمه الله أفضل تكريم، وخلقه في أحسن تقويم، وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعا، فهو إنسان اكتملت فيه خصائص الإنسانية، وارتفع عن حضيض الحيوانية البهيمية أو السبعية، وهذا الإنسان الصالح هو أساس الأسرة الصالحة، والمجتمع الصالح، والأمة الصالحة.

5-الجمع بين الثبات والمرونة


من أجلى مظاهر "الوسطية"، التي تميزت بها رسالة الإسلام، وبالتالي يتميز بها مجتمعه عن غيره: التوازن بين الثبات والتطور، أو الثبات والمرونة.
فهو يجمع بينهما في تناسق مبدع، واضعا كلا منهما في موضعه الصحيح.. الثبات فيما يجب أن يخلد ويبقى، والمرونة فيما ينبغي أن يتغير ويتطور.

4-الوسطية


وهذه خصيصة أخرى من أبرز خصائص الإسلام، وهي "الوسطية"، ويعبر عنها أيضا بـ "التوازن"، ونعني بها التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين، بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير، ويطرد الطرف المقابل، وبحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه، ويطغى على مقابله ويحيف عليه.

3-الشمول


"الشمول" من الخصائص التي تميز بها الإسلام عن كل ما عرفه الناس من الأديان والفلسفات والمذاهب، بكل ما تتضمنه كلمة "الشمول" من معان وأبعاد.
إنه شمول يستوعب الزمن كله، ويستوعب الحياة كلها، ويستوعب كيان الإنسان كله.

2-الإنسانية

1-الربانية


إن الخصيصة الأولى من الخصائص العامة للإسلام هي: الربانية.
والربانية ـ كما يقول علماء العربية ـ مصدر صناعي منسوب إلى "الرب"، زيدت فيه الألف والنون، على غير قياس، ومعناه: الانتساب إلى الرب، أي: الله، سبحانه وتعالى، ويطلق على الإنسان أنه "رباني" إذا كان وثيق الصلة بالله، عالما بدينه وكتابه، معلما له. وفي القرآن الكريم:
(ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون).

4- التشريع


من مقومات الإسلام الأساسية: التشريع، ونعني به الجانب الذي يضبط سير الحياة الإسلامية بمجموعة من الأحكام الشرعية العملية، التي تنظم علاقة الناس بعضهم ببعض في جوانب الحياة المختلفة، وتبين لهم ماذا يحب الله منهم ولهم وماذا يكره.

3- الأخلاق


جرت عادة الباحثين في رسالة الإسلام أن يقسموه إلى شعب أربع:
عقائد وعبادات، ومعاملات، وأخلاق، وربما أوهم تأخير شعبة الأخلاق أنها آخر ما يهتم به الإسلام، وأنها لا ترقى إلى مستوى الشعب الأخرى. والحقيقة التي تتجلى لمن يتدبر الإسلام في آيات كتابه وسنة نبيه، ويتأمل نصوصها وروحها: أن الإسلام في جوهره رسالة أخلاقية، بكل ما تحمله هذه الكلمة من عمق وشمول. ولا غرو أن تكون "الأخلاقية" خصيصة من خصائصه العامة.

2- العبادة

1- العقيدة


العقيدة الإسلامية هي خاتمة العقائد السماوية، وقد تكفل بيانها والتدليل عليها القرآن الكريم، وسنة الرسول العظيم، متمثلة في الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين.

تفنيد مقولة (الدين أفيون الشعب)


أما دعوى الماركسيين: أن الدين (أفيون الشعوب) يفعل في عقولها ما تفعله المخدرات بالأفراد، ويشغلهم عن حقوقهم المسلوبة، بأماني الآخرة، ويخضعهم لإرادة الظلمة والطغاة، فيطيعونهم وهم راضون ـ فهي دعوى مردودة ـ .
ذلك أن الدين الصحيح لا يخدر الشعب، ولا يلهيه عن المطالبة بحقه في الدنيا، استغراقا بطلب النعيم في الآخرة! الدين الصحيح لا يقر الظلم، ولا يرضى بالفساد والانحراف، فإن صح هذا الادعاء في شأن بعض الأديان، فلا يصح بحال في شأن الإسلام.

لا بديل عن الدين


ومن الناس من يتصور إمكان الاستغناء عن الدين بالعلم الحديث حينا، أو المذاهب الفكرية "الأيديولوجيات" الحديثة حينا آخر.
وكلا التصورين خطأ.
فقد بين الواقع الناطق أنه لا شيء يغني عن الدين، ويقوم بديلا عنه في أداء رسالته الضخمة في حياة الإنسان.

حاجة المجتمع إلى بواعث وضوابط أخلاقية


4- وهناك حاجة أخرى إلى الدين: حاجة اجتماعية، إنها حاجة إلى بواعث وضوابط: بواعث تدفع أفراده إلى عمل الخير، وأداء الواجب وإن لم يوجد من البشر من يراقبهم، أو يكافئهم . . وضوابط تحكم علاقاتهم، وتلزم كل واحد منهم أن يقف عند حده، ولا يعتدي على حق غيره أو يفرط في خير مجتمعه، من أجل شهوات نفسه، أو منفعته المادية العاجلة.

حاجة الإنسان إلى الدين


إن حاجة الإنسان إلى الدين عامة، وإلى الإسلام خاصة، ليست حاجة ثانوية ولا هامشية، إنها حاجة أساسية أصيلة، تتصل بجوهر الحياة، وسرالوجود، وأعمق أعماق الإنسان.
وفى أقصى ما يمكن من الإيجاز ـ غير المخل ـ نبين هنا وجه الحاجة إلى الدين في حياة الإنسان:

معنى الدين


قبل أن نتحدث عن الحاجة إلى الدين عامة، وإلى الإسلام خاصة، ينبغي لنا أن نبين المعنى المراد بكلمة (الدين).
ولا نريد أن نطيل الحديث في ذلك عند اللغويين وعند مؤرخي الأديان، وفلاسفة الملل والنحل، وندخل في الموضوع مباشرة.

المقدمة


المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وكفى، وسلام على رسله الذين اصطفى، وعلى خاتمهم المجتبى، محمد وآله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: